فصل: باب القول في بسم اللّه الرحمن الرحيم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الحجة السابعة: روى مالك في الموطأ عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام» قال: فقلت يا أبا هريرة، إني أكون أحيانًا خلف الإمام، قال: إقرأ بها يا فارسي في نفسك، والاستدلال بهذا الخبر من وجهين: الأول: أن صلاة المقتدي بدون القراءة مبرأة عن الخداج عند الخصم، وهو على خلاف النص الثاني: أن السائل أورد الصلاة خلف الإمام على أبي هريرة بوجوب القراءة عليه في هذه الحالة، وذلك يؤيد المطلوب.
الحجة الثامنة: روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى يقول: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين» بين أن التنصيف إنما يحصل بسبب القراءة، فوجب أن تكون قراءة الفاتحة من لوازم الصلاة، وهذا التنصيف قائم في صلاة المنفرد وفي صلاة المقتدي.
الحجة التاسعة: روى الدارقطني بإسناده عن عبادة بن الصامت قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة، فلما انصرف أقبل علينا بوجهه الكريم فقال: «هل تقرؤن إذا جهرت بالقراءة؟ فقال بعضنا إنّا لنصنع ذلك، فقال: وأنا أقول مالي أنازع القرآن، لا تقرؤا شيئًا من القرآن إذا جهرت بقراءتي إلا أم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها».
الحجة العاشرة: أن الأحاديث الكثيرة دالة على أن قراءة القرآن توجب الثواب العظيم وهي متناولة للمنفرد والمقتدى، فوجب أن تكون قراءتها في الصلاة خلف الإمام موجبة للثواب العظيم، وكل من قال بذلك قال بوجوب قراءتها.
الحجة الحادية عشرة: وافق أبو حنيفة رضي الله عنه على أن القراءة خلف الإمام لا تبطل الصلاة، وأما عدم قراءتها فهو عندنا يبطل الصلاة، فثبت أن القراءة أحوط، فكانت واجبة لقوله عليه الصلاة والسلام: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».
الحجة الثانية عشرة: إذا بقي المقتدى ساكتًا عن القراءة مع أنه لا يسمع قراءة الإمام بقي معطلًا، فوجب أن يكون حال القارئ أفضل منه، لقوله عليه الصلاة والسلام: «أفضل الأعمال قراءة القرآن» وإذا ثبت أن القراءة أفضل من السكوت في هذه الحالة ثبت القول بالوجوب، لأنه لا قائل بالفرق.
الحجة الثالثة عشرة: لو كان الاقتداء مانعًا من القراءة لكان الاقتداء حرامًا، لأن قراءة القرآن عبادة عظيمة، والمانع من العبادة الشريفة محرم، فيلزمه أن يكون الاقتداء حرامًا، وحيث لم يكن كذلك علمنا أن الاقتداء لا يمنع من القراءة.
واحتج أبو حنيفة بالقرآن والخبر، أما القرآن فقوله تعالى: {وَإِذَا قرئ القرءان فاستمعوا لَهُ وأنصتوا} [الأعراف: 204] واعلم أنا بينا في تفسير هذه الآية أنها لا تدل على قولهم، وبالغنا، فليطالع ذلك الموضع من هذا التفسير؛ وأما الأخبار فقد ذكروا أخبارًا كثيرة والشيخ أحمد البيهقي بين ضعفها، ثم نقول: هب أنها صحيحة، ولكن الأخبار لما تعارضت وكثرت فلابد من الترجيح، وهو معنا من وجوه: الأول: أن قولنا يوجب الاشتغال بقراءة القرآن، وهو من أعظم الطاعات، وقولهم يوجب العطلة والسكوت عن ذكر الله ولا شك أن قولنا أولى: الثاني: أن قولنا أحوط الثالث: أن قولنا يوجب شغل جميع أجزاء الصلاة بالطاعات والأذكار الجميلة، وقولهم يوجب تعطيل الوقت عن الطاعة والذكر.

.المسألة الثالثة عشرة: حكم قراءة الفاتحة في كل ركعة:

قال الشافعي رضي الله عنه: قراءة الفاتحة واجبة في كل ركعة، فإن تركها في ركعة بطلت صلاته، قال الشيخ أبو حامد الإسفرايني: وهذا القول مجمع عليه بين الصحابة، قال به أبو بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود.
واعلم أن المذاهب في هذه المسألة ستة: أحدها: قول الأصم وابن علية، وهو أن القراءة غير واجبة أصلًا والثاني: قول الحسن البصري والحسن بن صالح بن جني أن القرءة إنما تجب في ركعة واحدة، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» والاستثناء من النفي إثبات، فإذا حصلت قراءة الفاتحة في الصلاة مرة واحدة وجب القول بصحة الصلاة بحكم الاستثناء والثالث: قول أبي حنيفة، وهو أن القراءة في الركعتين الأولتين واجبة، وهو في الأخيرتين بالخيار، إن شاء قرأ، وإن شاء سبح، وإن شاء سكت، وذكر في كتاب الاستحباب أن القراءة واجبة في الركعتين من غير تعيين والرابع: نقل ابن الصباغ في كتاب الشامل عن سفيان أنه قال: تجب القراءة في الركعتين الأوليين وتكره في الأخريين والخامس: وهو قول مالك أن القراءة واجبة في أكثر الركعات، ولا تجب في جميعها، فإن كانت الصلاة أربع ركعات كفت القراءة في ثلاث ركعات، وإن كانت مغربًا كفت في ركعتين، وإن كانت صبحًا وجبت القراءة فيهما معًا والسادس: وهو قول الشافعي وهو أن القراءة واجبة في كل الركعات.
ويدل على صحته وجوه: الحجة الأولى: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في كل الركعات فيجب علينا مثله، لقوله تعالى: {واتبعوه}.
الحجة الثانية: أن الأعرابي الذي علمه عليه الصلاة والسلام الصلاة أمره أن يقرأ بأم القرآن، ثم قال: وكذلك فافعل في كل ركعة، والأمر للوجوب، فإن قالوا قوله: فافعل في كل ركعة راجع إلى الأفعال لا إلى الأقوال، قلنا القول فعل اللسان فهو داخل في الأفعال.
الحجة الثالثة: نقل الشيخ أبو نصر بن الصباغ في كتاب الشامل عن أبي سعيد الخدري أنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ فاتحة الكتاب في كل ركعة فريضة كانت أو نافلة.
الحجة الرابعة: القراءة في الركعات أحوط فوجب القول بوجوبها.
الحجة الخامسة: أمر بالصلاة والأصل في الثابت البقاء، حكمنا بالخروج عن العهدة عند القراءة في كل الركعات لأجل أن هذه الصلاة أكمل، فعند عدم القراءة في الكل وجب أن يبقى في العهدة.
واحتج المخالف بما روي عن عائشة أنها قالت: فرضت الصلاة في الأصل ركعتين فأقرت في السفر وزيدت في الحضر، وإذا ثبت هذا فنقول: الركعتان الأوليان أصل والأخريان تبع، ومدار الأمر في التبع على التخفيف، ولهذا المعنى فإنه لا يقرأ السورة الزائدة فيهما، ولا يجهر بالقراءة فيهما.
والجواب أن دلائلنا أكثر وأقوى، ومذهبنا أحوط، فكان أرجح.

.المسألة الرابعة عشرة: إذا ثبت أن قراءة الفاتحة شرط من شرائط الصلاة فله فروع:

الفرع الأول: قد بينا أنه لو ترك قراءة الفاتحة أو ترك حرفًا من حروفها عمدًا بطلت صلاته، أما لو تركها سهوًا قال الشافعي في القديم لا تفسد صلاته، واحتج بما روى أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: صلى بنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه المغرب فترك القراءة فلما انقضت الصلاة قيل له: تركت القراءة، قال: كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسنًا، قال: فلا بأس، قال الشافعي: فلما وقعت هذه الواقعة بمحضر من الصحابة كان ذلك إجماعًا، ورجع الشافعي عنه في الجديد، وقال: تفسد صلاته؛ لأن الدلائل المذكورة عامة في العمد والسهو، ثم أجاب عن قصة عمر من وجهين: الأول: أن الشعبي روى أن عمر رضي الله عنه أعاد الصلاة.
والثاني: أنه لعله ترك الجهر بالقراءة لا نفس القراءة، قال الشافعي هذا هو الظن بعمر.
الفرع الثاني: تجب الرعاية في ترتيب القراءة، فلو قرأ النصف الأخير ثم النصف الأول يحسب له الأول دون الأخير.
الفرع الثالث: الرجل الذي لا يحسن تمام الفاتحة إما أن يحفظ بعضها، وإما أن لا يحفظ شيئًا منها، أما الأول: فإنه يقرأ تلك الآية ويقرأ معها ست آيات على الوجه الأقرب وأما الثاني وهو أن لا يحفظ شيئًا من الفاتحة فهاهنا إن حفظ شيئًا من القرآن لزمه قراءة ذلك المحفوظ، لقوله تعالى: {فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القرءان} [المزمل: 20] وإن لم يحفظ شيئًا من القرآن فهاهنا يلزمه أن يأتي بالذكر، وهو التكبير والتحميد، وقال أبو حنيفة لا يلزمه شيء، حجة الشافعي ما روى رفاعة بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليتوضأ كما أمره الله، ثم يكبر، فإن كان معه شيء من القرآن فليقرأ، وإن لم يكن معه شيء من القرآن فليحمد الله وليكبر»، بقي هاهنا قسم واحد، وهو أن لا يحفظ الفاتحة ولا يحفظ شيئًا من القرآن ولا يحفظ أيضًا شيئًا من الأذكار العربية، وعندي أنه يؤمر بذكر الله تعالى بأي لسان قدر عليه تمسكًا بقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».

.المسألة الخامسة عشرة: هل أنكر ابن مسعود كون الفاتحة والمعوذتين من القرآن؟

نقل في الكتب القديمة أن ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة من القرآن، وكان ينكر كون المعوذتين من القرآن، واعلم أن هذا في غاية الصعوبة، لأنا إن قلنا إن النقل المتواتر كان حاصلًا في عصر الصحابة بكون سورة الفاتحة من القرآن فحينئذٍ كان ابن مسعود عالمًا بذلك فإنكاره يوجب الكفر أو نقصان العقل، وإن قلنا إن النقل المتواتر في هذا المعنى ما كان حاصلًا في ذلك الزمان فهذا يقتضي أن يقال إن نقل القرآن ليس بمتواتر في الأصل وذلك يخرج القرآن عن كونه حجة يقينية، والأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل كاذب باطل، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة، وهاهنا آخر الكلام في المسائل الفقهية المفرعة على سورة الفاتحة، والله الهادي للصواب. اهـ.

.من فوائد الجصاص في السورة الكريمة:

قال رحمه الله:
سورة الفاتحة:
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم.
قال أبو بكر أحمد بن على الرازي رضي الله عنه قد قدمنا في صدر هذا الكتاب مقدمة تشتمل على ذكر جمل مما لا يسع جهله من أصول التوحيد وتوطئة لما يحتاج إليه من معرفة طرق استنباط معاني القرآن واستخراج دلائله وإحكام ألفاظه وما تتصرف عليه أنحاء كلام العرب والأسماء اللغوية والعبارات الشرعية إذ كان أولى العلوم بالتقديم معرفة توحيد اللّه وتنزيهه عن شبه خلقه وعما نحله المفترون من ظلم عبيده والآن حتى انتهى بنا القول إلى ذكر أحكام القرآن ودلائله واللّه نسأل التوفيق لما يقربنا إليه ويزلفنا لديه إنه ولى ذلك والقادر عليه.

.باب القول في بسم اللّه الرحمن الرحيم:

قال أبو بكر الكلام فيها من وجوه أحدها معنى الضمير الذي فيها والثاني هل هي من القرآن في افتتاحه والثالث هل هي من الفاتحة أم لا والرابع هل هي من أوائل السور والخامس هل هي آية تامة أم ليست بآية تامة والسادس قراءتها في الصلاة والسابع تكرارها في أوائل السور في الصلاة والثامن الجهر بها والتاسع ذكر ما في مضمرها من الفوائد وكثرة المعاني فنقول إن فيها ضمير فعل لا يستغنى الكلام عنه لأن الباء مع سائر حروف الجر لابد أن يتصل بفعل إما مظهر مذكور وإما مضمر محذوف والضمير في هذا الموضع ينقسم إلى معنيين خبر وأمر فإذا كان الضمير خبرا كان معناه ابدأ بسم اللّه فحذف هذا الخبر وأضمر لأن القارئ مبتدئ فالحال المشاهدة منبئة عنه ومغنية عن ذكره وإذا كان أمرا كان معناه ابدءوا بسم اللّه واحتماله لكل واحد من المعنيين على وجه واحد وفي نسق تلاوة السورة دلالة على أنه أمر وهو قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ومعناه قولوا إياك كذلك ابتداء الخطاب في معنى قوله بسم اللّه وقد ورد الأمر بذلك في مواضع من القرآن مصرحا وهو قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} فأمر في افتتاح القراءة بالتسمية كما أمر إمام القراءة بتقديم الاستعاذة وهو إذا كان خبرا فإنه يتضمن معنى الأمر لأنه لما كان معلوما أنه خبر من اللّه بأنه يبدأ باسم اللّه ففيه أمر لنا بالابتداء به والتبرك بافتتاحه لأنه إنما أخبرنا به لنفعل مثله ولا يبعد أن يكون الضمير لهما جميعا فيكون الخبر والأمر جميعا مرادين لاحتمال اللفظ لهما فإن قال قائل لو صرح بذكر الخبر لم يجز أن يريد به المعنيين جميعا من الأمر والخبر كذلك يجب أن يكون حكم الضمير في انتفاء إرادة الأمرين قيل له إذا أظهر صيغة الخبر امتنع أن يريدهما لاستحالة كون لفظ واحد أمرا وخبرا في حال واحد لأنه متى أراد بالخبر الأمر كان اللفظ مجازا وإذا أراد به حقيقة الخبر كان حقيقة وغير جائز أن يكون اللفظ الواحد مجازا حقيقة لأن الحقيقة هي اللفظ المستعمل في موضعه والمجاز ما عدل به عن موضعه إلى غيره ويستحيل كونه مستعملا في موضعه ومعدولا به عنه في حال واحد فلذلك امتنع إرادة الخبر والأمر بلفظ واحد وأما الضمير فغير مذكور وإنما هو متعلق بالإرادة ولا يستحيل إرادتهما معا عند احتمال اللفظ لإضمار كل واحد منهما فيكون معناه حينئذ ابدأ بسم اللّه على معنى الخبر وابدءوا أنتم أيضا به اقتداء بفعلى وتبركا به غير أن جواز إرادتهما لا يوجب عند الإطلاق إثباتهما إلا بدلالة إذ ليس هو عموم لفظ مستعمل على مقتضاه وموجبه وإنما الذي يلزم حكم اللفظ إثبات ضمير محتمل لكل واحد من الوجهين وتعيينه في أحدهما موقوف على الدلالة كذلك قولنا في نظائره نحو قول النبي صلّى اللّه عليه وسلم: «رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
لأن الحكم لما تعلق بضمير يحتمل رفع الحكم رأسا ويحتمل المأثم لم يمتنع إرادة الأمرين بأن لا يلزمه شيء ولا مأثم عليه عند اللّه لاحتمال اللفظ لهما وجواز إرادتهما إلا أنه مع ذلك ليس بعموم لفظ فينتظمهما فاحتجنا في إثبات المراد إلى دلالة من غيره وليس يمتنع قيام الدلالة على إرادة أحدهما بعينه أو إرادتهما جميعا وقد يجيء من الضمير المحتمل لأمرين ما لا يصح إرادتهما معا نحو ما روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال: «إنما الأعمال بالنيات».
معلوم أن حكمه متعلق بضمير يحتمل جواز العمل ويحتمل أفضليته فمتى أراد الجواز امتنعت إرادة الأفضلية لأن إرادة الجواز تنفى ثبوت حكمه مع عدم النية وإرادة الأفضلية تقتضي إثبات حكم شيء منه لا محالة مع إثبات النقصان فيه ونفى الأفضلية ويستحيل أن يريد نفى الأصل ونفى الكمال الموجب للنقصان في حال واحد وهذا مما لا يصح فيه إرادة المعنيين من نفى الأصل وإثبات النقص ولا يصح قيام الدلالة على إرادتهما قال أبو بكر وإذا ثبت اقتضاؤه لمعنى الأمر انقسم ذلك إلى فرض ونفل فالفرض هو ذكر اللّه عند افتتاح الصلاة في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} فجعله مصليا عقيب الذكر فدل على أنه أراد ذكر التحريمة وقال تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} قيل إن المراد به ذكر الافتتاح:
روى عن الزهري في قوله تعالى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى} قال هي {بسم اللّه الرحمن الرحيم}.
وكذلك هو في الذبيحة فرض وقد أكده بقوله: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَ} وقوله: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْق} وهو في الطهارة والأكل والشرب وابتداء الأمور نفل فإن قال قائل هل لا أوجبتم التسمية على الوضوء بمقتضى الظاهر لعدم الدلالة على خصوصه مع ما روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه».
قيل له الضمير ليس بظاهر فيعتبر عمومه وإنما ثبت منه ما قامت الدلالة عليه وقوله: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه».
على جهة نفى الفضيلة لدلائل قامت عليه.